fbpx
تقارير

مظاهرات الأرض المصرية وتداعياتها الإقليمية

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

تمهيد:

يقوم هذا التقرير على استعراض طببيعة التأثيرات التي يمكن أن تترتب على الحراك الثوري في مصر، وخاصة بعد مظاهرات جمعة الأرض (15 أبريل 2016) وذكرى تحرير سيناء (25 أبريل 2016) على قضايا الإقليم وتطوراتها، وذلك على النحو التالي:

أولاً: تداعيات الحراك على الأوضاع السعودية:

تقوم السياسة الخارجية السعودية تجاه مصر بعد ثورة 25 يناير 2011، على مجموعة من الأبعاد، منها:

  • حرصها على بقاء حكم العسكر في مصر، وعدم تحولها للديمقراطية خشية من وصول حاكم مدني مصري .
  • تسعي المملكة الى الاحتفاظ بما حصلت عليه من النظام المصري الحالي (جزيرتي تيران و صنافير)
  • حرص المملكة على ابقاء مصر كتابع للسياسة السعودية تستطيع ان تستفيد منها في تدخلاتها الإقليمية .
  • تهدف المملكة إلى الإبقاء على الاقتصاد المصري غير مستقر لأنه لا تركيا ولا إيران يستطيعان دعم مصر ماليا مثل السعودية، حتى تبقي القرارات المصرية رهينه للقرارات السعودية .
  • تتحرك المملكة نحو تحقيق تقدم ملموس في علاقاتها مع الكيان الصهيوني، وسيكون للنظام المصري الحالي دورا بارزا في تحقيق هذا التقارب انطلاقا من العلاقات الاستراتيجية التي تعيشها مصر مع دولة الاحتلال في هذه الأيام .

لذا وفي ظل هذه المعطيات، وفي ظل الحراك الميداني في الداخل المصري، تبرز عدة إجراءات أمام السياسة السعودية:

الأول: الإفراط في تقديم وعود اقتصادية، حتى لو كانت وهمية جديدة لمصر، بهدف تهدئة الشارع المصري .

الثاني: الإسراع في تحسين علاقاتها مع إسرائيل وتعزيز سيطرتها على جزيرتي تيران وصنافير، قبل أي ان تتجدد الثورات وبالتالي سقوط النظام وقدوم نظام جديد يلغي الاتفاقيات والتفاهمات حولها.

الثالث: إجراء اتصالات مع تركيا بهدف تحسين العلاقات التركية المصرية، ثم التفاهم بين حركة الاخوان المسلمين وتحديداً الموجودين في تركيا والنظام المصري الحالي بهدف تهدئة الأجواء وضمان عدم تجدد المظاهرات .

الرابع: القيام باتصالات داخلية مع قوى مصرية لاختيار بديل للسيسي، يحافظ على ما تم الاتفاق عليه لصالحها.

ثانياً: تداعيات الحراك على الأوضاع الليبية:

الشارع الليبي غير راض عن الدور السياسي والعسكري المصري في ليبيا من خلال دعم قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي قال إنه لا يستطيع لولا الدعم المصري تنفيذ ضربات جوية على بنغازي وطرابلس وغيرهما. وأشار إلى أن حفتر نفسه أعلن أنه ابن المؤسسة العسكرية المصرية .

وما يزيد من قلق الشارع الليبي ورود معلومات تؤكد أن تدخل النظام المصري يأتي ضمن تحركات أوروبية تهدف في نهاية المطاف إلى تقسيم ليبيا إلى عدة دويلات، وهذا ما تم تأكيده على لسان بعض القادة السياسيين الجزائريين والذين أبدوا رفضهم القاطع لهكذا مخطط. لهذا فان الشارع الليبي يترقب الأوضاع في مصر عن كثب لما سيكون لها من تداعيات على ليبيا؛ ومن هنا فان نجاح الثورة في مصر يعني غياب التدخل العسكري المصري في الساحة الليبية، أما في حال فشل الثورات في مصر فمن المتوقع أن مصر سوف تتدخل في ليبيا بشكل سافر مما سيرتب عليه توتر كبير في العلاقات المصرية الجزائرية هذا من جانب، إضافة الى قيام تنظيم الدولة في ليبيا بتوجيه ضربات داخل الأراضي المصرية وبشكل مكثف تبدأ في مدينة السلوم الى منطقة سيوة والفرافرة .

ثالثاً: تداعيات الحراك على الأوضاع السودانية:

بزرت مطالبات سودانية بالحصول على حلايب وشلاتين وقد شجعها على ذلك هو تنازل مصر مؤخرا عن جزيرتي تيران وصنافير لصالح السعودية. لهذا فان السودان تراقب عن كثب موقف الشارع المصري تجاه تنازل النظام المصري عن الجزر للسعودية، ففي حال نجحت المظاهرات في مصر فهذا يعني غض السودانيين الطرف عن مشكلة شلاتين وحلايب مؤقتاً. أما في حال فشلت الثورة ستزداد قناعات السودانيين بأنهم من الممكن الحصول على شلاتين وحلايب كنتيجة طبيعية لضعف رد فعل الشارع المصري.

لذا فمن المتوقع أن تبدأ السودان بعد فشل الثورات مباشرة في التحرك الفعلي وباتجاهين الأول عبر التحكيم الدولي وهذا لن يكون بسبب رفض النظام المصري الحالي؛ أما الثاني استخدام مياه النيل وتعطيل وصولها الى مصر كورقة ضغط على النظام المصري للتفاوض، وقد تصل الأمور الى ما هو أبعد من ذلك من خلال اشتباكات أو اختراقات أو توترات على الحدود الجنوبية لمصر بين قوات مصرية وسودانية. مع احتمالات أن تشكل السعودية ضغوطا على النظام السوداني لإغلاق هذا الملف ولو مؤقتا مقابل اغراءات مالية.

رابعاً: تداعيات الحراك على الأوضاع الفلسطينية:

تعد فلسطين من أكثر الدول الإقليمية التي يرتبط مصيرها بمصر، فالنظام السياسي الفلسطيني والمتمثل بالسلطة الفلسطينية في رام الله مرتبطة بالنظام المصري بعلاقات قوية ومتميزة؛ كما أن قطاع غزة المحاصر مفاتيح غذائه مرتبطة بقرارات من النظام المصري، ومن هنا فإن قيام أية ثورات أو احتجاجات في مصر تلقي اهتماما بالغا لدي كافة طوائف وشرائح المجتمع الفلسطيني بكافة تياراتهم وانتماءاتهم؛ فالفلسطينيين يؤمنون بأن نجاح أي ثورة في مصر تطيح بالنظام المصري الحالي قد تؤدي الى تحسن الظروف الحياتية في قطاع غزة بغض النظر عمن سيخلف النظام المصري الحالي.

أما في حال فشلها فمن المتوقع أن يكون المردود ما يلي: أن تبدأ مصر فعليا في تحضير خليفة الرئيس الفلسطيني الحالي محمود عباس، وهنا يبرز اسم محمد دحلان، وأن أن يشكل النظام المصري ضغطا على قطاع غزة وتحديدا فصائل المقاومة بغرض تقديم تنازلات حقيقية في ملف الأسري الصهاينة والكشف عن مصيرهم وقبولهم لدحلان كرجل المرحلة القادمة، مقابل السماح بإنشاء ميناء في غزة ورفع الحصار .

خامساً: تداعيات الحراك على السياسة التركية والقطرية:

الدول الإقليمية الوازنة كتركيا وقطر تراقب ما يجري بمصر بشكل حثيث؛ حيث أن مستقبل العلاقات بينهما وبين النظام السياسي المصري مرتبطة بنتائج المظاهرات ومدي استمراريتها، وهنا تبرز عدة احتمالات:

الاحتمال الأول: ترى كلا من تركيا وقطر أن وجود مظاهرات واحتجاجات في مصر؛ على أنه مؤشر حقيقي مفاده أن الشعب المصري يرفض النظام الحالي وان الأمور تتجه الى اسقاطه وانه حتما في إحدى هذه الدعوات ستنجح في الإطاحة بالنظام الحالي، وهذا يتطلب منهما – تركيا وقطر – التأني وعدم احداث أي تقارب مع النظام الحالي .

الاحتمال الثاني: تري تركيا وقطر ان وجود مظاهرات في مصر؛ يمكن أن يشكل ضغطا على النظام المصري الحالي ويدفعه إلى تقديم تنازلات ملموسة نحو تحسن علاقة النظام المصري مع قوي المعارضة، وإطلاق سراح المعتقلين؛ مما يسمح بتحقيق تقارب داخلي ينعكس على سياسة البلدين نحو النظام المصري .

الاحتمال الثالث: أن فشل المظاهرات المتكرر في تشكيل ضغطا على النظام المصري او الإطاحة به؛ قد يؤدي الى تسريب حالة من اليأس لدي صانعي القرار في تركيا وقطر، خصوصا في ظل وجود دعوات وضغوط تمارسها السعودية ضد الدولتين بهدف تحسين علاقاتها مع النظام المصري الحالي، وقد يدفعهما إلى فتح آفاق التعاون مع النظام الحالي؛ مما يجعلهما يقدمان مبادرة وساطة بين النظام المصري وقوي المعارضة الرافضة للحكم العسكري في مصر.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close