fbpx
تقديرات

القطاع النقدي المصري عام 2017

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

 

تمهيد

يقوم القطاع النقدي بدور رئيسي في تمويل التنمية الاقتصادية وتحفيز ودفع النمو، حيث تساهم بطريقة فعالة في عملية التنمية الاقتصادية من خلال قيامها بدور الوساطة بين أماكن الفائض والعجز في الاقتصاد القومي وتسهيل عمليات الدفع وخزن القيمة الشرائية.

ويمثل النظام المصرفي ميكانيكية هامة لجمع وحشد المدخرات الوطنية وتحويلها الي استثمارات الي جانب عملها على جذب الاستثمارات الأجنبية وتوجيهها للمشاريع الأكثر كفاءة وانتاجية، الي جانب ذلك تقوم البنوك بدور تحويل الاستحقاق حيث يتم ودائع العملاء قصيرة الأجل الي قروض طويلة الأجل.

وقد لعب الجهاز المصرفي دورا محوريا في قضية التنمية في كافة بلاد العالم لا سيما في الدول النامية، ليس ذلك فحسب بل يمكن القول إن مؤسسات التمويل في أي مجتمع تكون مسئولة بدرجة أساسية عن نوعية النمو الاقتصادي الذي يحققه هذا المجتمع، وهل هذا النمو جيد وايجابي ويتسم بالعدالة أم أن هذا النمو هو ـ حسب تعبير أدبيات البنك الدولي ـ نمو زائف وسلبي ورديء ويتسم بالانحياز لصالح طبقة اجتماعية على حساب بقية طبقات المجتمع؟

وقد شهد القطاع المصرفي المصري تقلبات حادة خلال عام 2016 ترتب عليها تغيرات في كافة المؤشرات الاقتصادية الكلية خاصة في ظل نزيف الجنيه والذي أثر على الأسعار في كافة القطاعات.

 

أولاً: أهم القرارات النقدية عام 2016

1ـ تخفيض سعر الجنيه ورفع سعر الفائدة:

خفض البنك المركزي المصري في مارس 2016 سعر العملة المحلية بمقدار 1.12 جنيه مقابل الدولار، وقال البنك المركزي إنه “قرر انتهاج سياسة أكثر مرونة فيما يتعلق بسعر الصرف، التي من شأنها علاج التشوهات في منظومة أسعار الصرف واستعادة تداول النقد الأجنبي داخل الجهاز المصرفي بصورة منتظمة ومستدامة تعكس آليات العرض والطلب”، وبالتالي توفير النقد من أجل التنمية ووضع مصر في مصاف الدول التي تتمتع بأسواق صرف عالية الكفاءة والشفافية، مما يعمل على تعميق السيولة، ويعزز أيضا من القدرة على جذب الاستثمار.

وتوقع البنك المركزي أن تؤدى تلك القرارات الوصول إلى مستويات لأسعار الصرف تعكس القوة والقيمة الحقيقية للعملة المحلية في غضون فترة وجيزة.

وفي نفس اليوم قام بنكا “الأهلي” و”مصر” بإصدار شهادة ادخار تحت اسم “شهادة الجنيه المصري” بفائدة 15% سنويًا، ويصرف العائد كل 3 أشهر، ومدة الشهادة 3 سنوات، وذلك للعملاء الأفراد، وتم فتح باب الشراء من اليوم لمدة 60 يومًا فقط بشرط التنازل عن العملات الأجنبية.

2ـ اللجوء الي صندوق النقد الدولي:

توصلت مصر لاتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بـ 12 مليار دولار على 3 سنوات، لدعم برنامج الحكومة للإصلاح الاقتصادي، واستلمت مصر بالفعل الشريحة الأولي من القرض والتي تبلغ 2.75مليار دولار.

والقرض المصري هو ثاني أكبر قرض في تاريخ الصندوق بعد القرض الأوكراني البالغ 17.5مليار دولار. وتوجد بعض الملاحظات العامة حول القرض يمكن اجمالها فيما يلي:

(أ) نوع القرض الذي ستحصل عليه مصر:

طالبت السلطات المصرية صندوق النقد بنوع من القروض يسمى “تسهيل الصندوق الممدد (EFF )”، وهو تسهيل تمويلي يهدف إلى مساعدة البلاد التي تشهد اختلالات كبيرة في المدفوعات بسبب معوقات هيكلية؛ أو تعاني من بطء النمو وضعف جوهري في مركز ميزان المدفوعات.

ويسمح هذا الاتفاق بفترة سداد أطول مقارنة بمعظم الاتفاقات الأخرى التي يتيحها الصندوق، وعادة ما تتم الموافقة على هذا النوع من القروض لفترات لا تتجاوز ثلاث سنوات، مع إمكانية تمديدها بحد أقصى لا يتجاوز سنة واحدة في كل مرة، حسب مقتضى الحال، غير أنه يمكن الموافقة أيضا على مدة قصوى تصل إلى 4 سنوات.

(ب) سعر الفائدة: سيتم حساب سعر الفائدة وفقا لقواعد الصندوق، ووفقا لحجم القرض، وسلة العملات الخاصة بالصندوق، ولكنها في الغالبية العظمى ستدور حول 1.5%، هذا بخلاف 1% مصروفات إدارية.

(ج) حجم التمويل الممنوح (٤٢٢٪ من حصة مصر في الصندوق)، والذي اقترب من الحد الاقصى المسموح للاقتراض (٤٣٥٪ من حصة مصر في الصندوق)

(د) فترة سداد القرض: تبلغ فترة سداد قرض الصندوق 5 سنوات، وتشمل 3 سنوات و3 أشهر فترة سماح، ومدة سداد فعلية تبلغ سنة و9 أشهر من تاريخ تسلم كل شريحة من شرائح القرض، بإجمالي 5 سنوات كاملة للسداد.

(ه) شروط الحصول القرض:

– خفض العجز بموازنة الدولة وذلك عن طريق استكمال برنامج تخفيض الدعم، ورفع أسعار المشتقات البترولية– خفض فاتورة أجور موظفي الحكومة إلى ٧.٥٪ من الناتج المحلى، وهو ما تسعي له الحكومة من خلال إقرار قانون الخدمة المدنية – زيادة إيرادات الدولة عبر تطبيق قانون القيمة المضافة –  وإقرار قانون جديد للجمارك يساهم في زيادة الحصيلة وديمومتها (تم رفع الجمارك مؤخراً على 364 سلعة (1).

– البدء في خصخصة شركات القطاع العام بما يضمن الحصول على إيرادات تساند حزمة الإصلاح.

– تدبير ستة مليارات دولار وتم ذلك بوصول الوديعة الاماراتي، وتسلم المركزي ثمن بيع رخصة 4G للمحمول، بالإضافة الي عزم مصر على طرح سندات دولارية بقيمة 6 مليار دولار في الأسواق الدولية، وهو الطرح الذي كان مقررا له بداية أكتوبر الماضي وتم تأجيله أكثر من مرة بناء على نصائح من مكاتب استشارية دولية خاصة بعد منافسة الطرح السعودي علي الأسواق الدولية.

3ـ تعويم الجنيه:

مع رفع سعر الفائدة واستحداث شهادات ادخارية (ذات عائد 20%)، حيث اشترط صندوق النقد الدولي تبني البنك المركزي سياسة سعر صرف مرنة، سواء عن طريق تعويم الجنيه، او خفض قيمة الجنيه على دفعات بداية من شهر سبتمبر 2016. واختار البنك المركزي سياسة التعويم ليتم تحديد السعر وفقا لآليات العرض والطلب في السوق، والتي بدأت يوم 3 نوفمبر 2016، بتخفيض الجنيه بنسبة 48% مع هامش حركة10% ليصل الدولار الي 13 جنيه، وليصبح الجنيه من أرخص ثلاث عملات في العالم.

كما قرر المركزي المصري رفع أسعار الفائدة 300 نقطة أساس في خطوة تهدف إلى استعادة التوازن بأسواق العملة والسيطرة على التضخم الذي قد يحدث بسبب تحرير سعر صرف الجنيه. وفي محاولة تخفيف الآثار السلبية للتعويم أجبر المركزي البنوك التجارية علي فتح شهادات توفير للمواطنين بالجنيه المصري وبسعر عائد 20% وبدون اتفاق مسبق مع البنوك تم الإعلان عن ذلك، ولتجد البنوك أنفسها امام تدفق غير طبيعي لأموال ذات تكلفة مرتفعة للغاية وبدون تحديد او مساعدة من البنك المركزي في كيفية التصرف في هذه الأموال.

4ـ اقتراض البنوك الكبرى من الخارج

حيث أعلن البنك الأهلي طرح سندات دولية، وسيكون الطرح في حدود إصدار سابق طرحه البنك في أغسطس 2010 بقيمة 600 مليون دولار (2 ). وبلغت فائدة ذلك الإصدار 5.25%، وكان الهدف المعلن من الإصدار هو “تنويع مصادر العملة الصعبة للبنك”.

كما أعلن بنك مصر تفاوضه مع بنك كريدى سويس السويسري للحصول على تمويل بقيمة 350 مليون دولار.

وسيحصل بنك مصر على شريحة أولى من التمويل بقيمة 100 مليون دولار عقب توقيع الاتفاقية، كما يتفاوض بنك مصر مع بنك ICBC الصيني وشركة Sinosure الصينية لضمان الصادرات للحصول على تسهيلات ائتمانية بقيمة مليار دولار مقسمة على قرض بـ 500 مليون دولار من بنك ICBC ، ومذكرتي تفاهم كضمانة ائتمانية لتمويل بقيمة 500 مليون دولار (3 ).

5ـ اتفاقية مبادلة العملة مع الصين:

بلغ حجم اتفاق تبادل العملات مع الصين الذي تم توقيعه بداية ديسمبر 2016 18حوالي مليار يوان، يعادل 2.6 مليار دولار، وسيكون سعر الجنيه المصري أمام اليوان الصيني وقت توقيع الاتفاقية هو أساس تسعير قيمة اتفاق تبادل العملات، ومدة الاتفاق 3 سنوات ويمكن تمديده بموافقة الطرفين.

6ـ اغلاق شركات صرافة وإنشاء أخري تابعة للبنوك

حمل البنك المركزي مسئولية تدهور قيمة الجنيه والمضاربة عليه لشركات الصرافة وبالغ في معاقبتها بالإغلاق حتى أغلق ما يعادل 50% (4 )، كذلك افتتحت عدة بنوك شركات صرافة تابعة لها في خطوة وصفها البنك المركزي بأنها لأحكام السيطرة على السوق الموازية (5 ).

7ـ الإعلان عن خصخصة بعض البنوك:

ومن أهم هذه البنوك:

(أ) بنك القاهرة: استقر البنك المركزي المصري على طرح نحو 49% من أسهم بنك القاهرة بالبورصة المصرية؛ لتوسيع قاعدة الملكية وجذب استثمارات أجنبية جديدة في إطار خطة الحكومة ببرنامجها الاقتصادي (6 ). ويضمن ذلك الإجراء حصول المال العام على حق الإدارة باستحواذه على 51% من أسهم البنك.

(ب) البنك العربي الافريقي: كشف محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر، عن عزم الحكومة (بالاتفاق مع الجانب الكويتي)، لطرح 40 % من أسهم البنك العربي الأفريقي الدولي في البورصة قبل نهاية العام (7 ). ولفت إلى أن هذا الطرح سيتم بالمناصفة، أي 20 في المئة يطرحها «المركزي» المصري، و20 في المئة يطرحها الجانب الكويتي المساهم. وكشف رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد أن البنك المركزي سيتخارج من ملكية المصرف المتحد على مراحل، مؤكدًا أن المصرف مؤهل حاليًا للقيد بالبورصة، ويمتلك البنك المركزي المصري نسبة 99.9% من المصرف المتحد (8 ).

8ـ طبع النقود:

بلغ متوسط طباعة النقود منذ انقلاب يوليو 2013 وحتى منتصف ديسمبر 2016، حوالي 35 مليار جنيه شهرياً(9 )، وهو معدل مرتفع للغاية حاولت السلطة من خلاله سداد أجور ومرتبات موظفي الدولة وهو ما ساهم بشدة في زيادة معدلات التضخم، ولم ينكر السيسي قضية طبع النقود بل أرجعها الي الزيادة في أجور العاملين في الدولة والتي أعقبت ثورة يناير.

 

ثانياً: قراءة للأوضاع النقدية في مصر عام 2017

يمكن قراءة الأوضاع النقدية في مصر عام 2017 من خلال النقاط التالية:

1ـ سعر الصرف:

يبلغ التدفق المتوقع من حزمة القروض الدولية (صندوق النقد والبنك الدوليين والبنك الافريقي) خلال 2017 حوالي 4 مليار دولار تقريباً (كانت شرائحها الأولي الي قد وصلت خزينة البنك المركزي)، كما تبلغ العوائد المتوقعة من بيع السندات الدولارية للخارج حوالي 6 مليار دولار، وكذلك من المنتظر أن تبلغ التدفقات المتوقعة من بيع شركات القطاع العام والبنوك حوالي 10 مليار جنيه، وبذلك ينتظر البنك المركزي تدعيم الاحتياطي النقدي بما قيمته تقترب من 20 مليار دولار، يخصم منها 8 مليار دولار ديون مستحقة السداد على مصر عام 2017 ليتبقى حوالي 12 مليار دولار كصافي، سيتم تدعيم الاحتياطي الأجنبي به ليبلغ (25+12) 37 مليار دولار .

وقد أسفرت إجراءات تقييد الواردات ورفع الجمارك لأكثر من مرة خلال الفترة الماضية عن تراجع العجز في الميزان التجاري، حيث أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تراجع عجز الميزان التجاري لمصر بنسبة 21.9 بالمئة خلال التسعة أشهر الأولي من العام الحالي، ليصل إلى 242.4 مليار جنيه مقابل 308.7 مليـار جنيه خلال نفس الفترة من العام الماضي (10 ). وكان لشح الدولار الإجراءات العقابية لشركات الصرافة وارتفاع الأسعار الناتج عن انخفاض قيمة الجنيه أثر لا يستهان به في تراجع العجز.

وشهدت الـ 9 أشهر الأولى من عام 2016 تراجعاً ملحوظًا في قيمة عجز الميزان التجاري بعد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة والبنك المركزي من أجل ترشيد الاستيراد. ومع استمرار عدم الاستقرار السياسي والذي بلغ ذروته في حادث تفجير الكنيسة البطرسية بالقاهرة سيشكل معوقاً لعودة السياحة وتدفق الاستثمارات الأجنبية وهو ما سيشكل استمراراً للضغط على الاحتياطي الأجنبي.

لكل ما سبق يتوقع الباحث، حدوث زيادة كبيرة في سعر الدولار وقد يلامس السعر 30 جنيها للدولار الواحد، خلال الربع الأول من عام 2017. وخلال الربع الثاني (ويرجح بحلول نهايته) أن يحدث استقرار قصير الأجل في سعر الصرف يعقبه زيادة مؤقتة في قيمة الجنيه، مدفوعان بالتدفقات الدولارية الخارجية ومشروطان بوجود واستمرارية التدفقات السابق ذكرها، وتتابعها لمواجهة الاحتياجات، أخذا في الاعتبار أن التباعد الزمني في الحصول على هذه التدفقات يقضي على أي أمل في تراجع سعر الصرف ويبقي أثره محدوداً فقط في تناقص حدة التصاعد السعري.

وبالتالي فالتدفق المتوالي والمتقارب زمنياً سيؤدي إلى صعود قيمة الجنيه، مما يعني أن ما يحدث الآن من السلطة النقدية هو ترحيل للأزمة ولا يوجد أي حلول كلية في ظل تقاعس الدولة عن تشجيع الإنتاج لا سيما المصانع المتوقفة، وعجزها عن احداث الاستقرار السياسي الذي سيدعم التدفق السياحي والاستثمار.

وفي ظل تصاعد سعر الصرف المتوقع في بداية العام 2017، قد تلجأ السلطة إلى اتهام شركات الصرافة، ولا يستبعد أن الخطوة المقبلة إغلاق جميع شركات الصرافة، واستبدالها بشركات صرافة تابعة للبنوك وبأسمائها وبهدف معلن هو القضاء على السوق السوداء.

2ـ البنوك عام 2017:

ينتظر البنوك المصرية عاماً صعباً على عدة مستويات، فمن ناحية سيفعل بنكي الأهلي ومصر الاقتراض بالسندات الدولارية السابق الإشارة اليها، وذلك لمواجهة الاحتياجات الدولارية ولكن يلاحظ أن فوائد هذه السندات ستُشكل عبئاً على تكلفة الأموال لدي هذه البنوك، وهو ما سينعكس سلبا على قدرتها في الإقراض لاضطرارها لرفع سعر الفائدة لمواجهة زيادة التكلفة.

ورغم هذه القروض الدولارية ستستمر أزمة الدولار لبقية العام وسيستمر ضعف القدرة على تقديم الدعم الدولاري للمستوردين وذلك كنتيجة لضعف تدفقات السياحة والاستثمار الأجنبي وكذلك خفوت التحويلات من العاملين في الخارج نتيجة لمجمل الأوضاع الداخلية.

كما أن الشهادات الادخارية ذات العائد 15%و20% والتي دفع البنك المركزي البنوك إليها وضعت البنوك في مأزق حقيقي حيث ارتفعت تكلفة الأموال بشدة مما سيؤثر سلباً على القدرة الاقراضية ولذلك تصاعدت حدة المطالبات بإلغاء هذه الشهادات.

كذلك فإن توقف العديد من الشركات السياحة وأصحاب التسهيلات قصيرة الأجل (بسبب تعويم الجنيه) عن السداد، بالإضافة الي أزمة المقاولين مع الحكومة والمتعلقة بإعادة تسعير المشروعات الحكومية كل ذلك يعني مزيد من التعثر المصرفي.

هذا بجانب حالة الركود التضخمي الحاد التي يعاني منها الاقتصاد المصري، بما يثبط المناخ الاستثماري ولا يتبقى إلا الاستثمار في أدوات الدين الحكومي، والتي تستوعب الجزء الأكبر من محفظة البنوك، ولكن من الجدير بالذكر الالتفات الي تناقص قيم هذه الديون بشدة نتيجة تعويم الجنيه وهو ما يعني انخفاض قيم ديون تلك البنوك مقومة بالدولار.

وبناء على التحليل السابق قد يصبح تحقيق البنوك المصرية لخسائر أمراً متوقعا في العام 2017، ولكن ذلك لا يعني الوصول إلى حد التعثر المالي، فتبقي تخمة السيولة التي يمتلكها القطاع المصرفي بالعملة المحلية.

ومن الجدير بالذكر كذلك أن الديون تفقد الملكية، فالاستدانة بمثل هذه المبالغ الكبيرة في ظل تعاملات هذه البنوك بالعملة المحلية وندرة الوارد إليها من الدولار هو تفريط متعمد لحصة من الملكية، وان كان بصورة مقنعة وتمهيد للبيع بصورة كلية مع أول عجز متوقع عن السداد، ومن المتوقع أن يشهد العام القادم الإعلان عن النية في بيع بنك مصر وإن تم البيع في سنوات لاحقة.

3ـ اتفاقية مبادلة العملة:

ينص الاتفاق على مبادلة كمية معينة من العملات «20 مليار يوان مقابل 26.2 مليار جنيه بسعر صرف جنيه أمام اليوان 1.3099 جنيه»، مع الاتفاق على عكس العملية بعد فترة زمنية محددة، عام أو 3 أعوام، ويمكن للبنك المركزي المتلقي للعملة إقراض هذه العملة الأجنبية للبنوك المحلية، مقابل سعر فائدة يتفق عليه، على أن يقوم البنك المركزي برد اليوان، والحصول على الجنيه، الذي قدمه للبنك الصيني، الأمر الذي ينطوي على مخاطر سعر الصرف في فترة نهاية الاستحقاق.

إذا فالبنك المركزي مضطر للسداد بعد فترة السماح المتفق عليها وسيكون السداد باليوان مما سيشكل عبئا على الاحتياطي خاصة في حال قصر فترة التعاقد، أما عن فائدة الاتفاق ودعمه لاحتياطي فتبقي محدودة إلى حد كبير خاصة في ظل مدة الاتفاق التي تبلغ ثلاث سنوات ليبلغ نصيب العام الواحد تقريبا 700مليون دولار وهو لاقم مدود للغاية في ظل التزامات مصر بالنقد الأجنبي.

خاتمة:

تبقي نظرة السلطات النقدية المصرية إلى الوضع الاقتصادي في مصر قاصرة ومتخبطة، أفقدت الأدوات النقدية صلاحيتها للتعامل مع الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وبقي الاقتراض الخارجي والخصخصة هما الملاذ الأخير لترحيل الأزمة زمنياً في انتظار استبدال ديون بأخرى، دون إجراءات حقيقية للإصلاح، وهو ما يحمل المواطن تبعات انهيار قيمة الجنيه واستسهال طبع النقود وانعدام الرؤية والرغبة في الإصلاح الحقيقي (11 ).

—————————————-

الهامش

(1) المصري اليوم

(2) جريدة البورصة

(3) جريدة البورصة

(4) موقع الجزيرة

(5)جريدة البورصة

(6) بوابة فيتو

(7) جريدة أموال

(8) موقع دوت مصر

(9) التقرير المصري

(10) موقع مصراوي

( 11 ) الآراء الواردة تعبر عن آراء كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن “المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية”.

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close