fbpx
دراساتالخليج

السياسة السعودية والقضايا الإقليمية: الجزء الأول

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

تنويه:

تعرض هذه السلسلة، على حلقات، أجزاء من أطروحة علمية بعنوان: “السياسة الأميركية تجاه المملكة العربية السعودية: دراسة في تأثير البعد الديني، قُدمت للحصول على درجة دكتوراه الفلسفة في العلوم السياسية، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، وتمت المناقشة بتاريخ 19 ديسمبر 2009، وكانت تحت إشراف، الأستاذة الدكتورة: نادية محمود مصطفي، وشارك في المناقشة الأستاذ الدكتور مصطفي علوي رئيس قسم العلوم السياسية الأسبق، والأستاذ الدكتور مصطفي الفقي، رئيس الجامعة البريطانية، وتمت إجازة الأطروحة بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولي والتوصية بالطبع والتبادل بين الجامعات العربية والأجنبية.

الجزء الأول: نشأة وتأسيس العلاقات الأمريكية ـ السعودية، (الصفحات 208-216):

يشير تاريخ نشأة المملكة العربية السعودية إلى العلاقة الوثيقة بين حركة “محمد بن عبد الوهاب” الدينية المعروفة باسم “الحركة الوهابية”، وبين الحركة السياسية النجدية ممثلة فى الأسرة السعودية والتى استطاعت على يد الملك “عبد العزيز بن سعود” تكوين مملكة تضم أقاليم نجد والحجاز والإحساء والتي تشمل معظم أراضي الجزيرة العربية (1).

ويستند النظام السعودي فى شرعيته، كما يرى هدسون (Michael C. Hudson) إلى تطبيق الشريعة الإسلامية مباشرة، بغض النظر عن ماهية هذا التطبيق، كما يستند إلى المرجعية الإسلامية فى المجالات الداخلية والخارجية (2). وتفسر النشأة الخاصة للسعودية الدور الذي يقوم به “الإسلام” فى النظام السياسي السعودي، فهو أكثر من كونه “دينا” بمعنى العقيدة التي تنظم العبادات والفروض، بل هو “منهج” ينظم مسيرة الحياة بجوانبها الخاصة والعامة، وهذا الوضع الخاص للدين فى المملكة يبرز فى عدة مظاهر:

1ـ أنه المصدر الأساسي والوحيد للتشريع: فالشريعة هي التي تحدد ما يجب عمله ومالا يجب، كما تحدد طبيعة المؤسسات التي يتكون منها النظام السياسي، وجاء استخدام الإسلام كمصدر للتشريع، نابعاً من العديد من الاعتبارات، من بينها: غياب المصادر المنافسة للإسلام، وقيام السعوديين بمأسسة السلطات الدينية والتى أعطيت وظائف واسعة، زاد منها أن للعلماء تأثير سياسي مباشر بسبب علاقتهم الطويلة بالنخبة ذاتها.

وهو ما دفع بيسكاتورى (James Piscatory) إلى القول بأن المملكة تستخدم الإسلام “لاعتبارات عملية وتاريخية محضة، وليس لاعتبارات تعود إلى اعتقاد حكامها الحقيقي فى الإسلام كدين شامل”(3).

إلا أن هذا التفسير يعكس أحد ظواهر عدم فهم الباحثين الغربيين لجوهر الإسلام كدين ومنهج للحياة، فى الإطار السعودي، فالشريعة الإسلامية وفقا للنموذج السعودي هي المعيار الذي يحكم تحركات النخبة الحاكمة، ومن ثم يجب أن تكون القرارات المتخذة منسجمة مع روح المبادئ الإسلامية ومتوافقة معها، كما أن حرص القادة السعوديين على تغليف آرائهم وتفسيراتهم بالمبادئ الإسلامية هو من قبيل إظهار الالتزام والتمسك بأساس الشرعية ومصدرها الوحيد لاستمرارية الأسرة السعودية فى الحكم.

2ـ يقدم الإسلام المرجعية التي تصاغ من خلالها السياسات الاجتماعية والاقتصادية للمملكة، والإسلام هنا لا يؤثر فى الصياغة فقط، ولكن فى وضع الإطار ورسم الحدود التي لا يجب تجاوزها، كما يقدم العقوبات التي يجب تنفيذها على هؤلاء المخالفين والخارجين عن “حدود الله”. ويقدم كذلك الإطار العملي الذي يسهل عملية التغيير والتجديد، فمن خلال الاجتهاد يمكن تبرير التغيير المرجو إحداثه وفق مبررات المصلحة العامة.

3ـ يقدم الإسلام مصدرا للشرعية بالنسبة للنظام السعودي، ومثل هذه الوظيفة تبدو أهميتها فى ضوء التعقيد المجتمعي والتنويع القبلي الذي تتكون منه السعودية، والاعتماد على الإسلام كمصدر للشرعية من شأنه أن يقلل من تأثير هذا التنوع القبلي ويلغى قدرا من مصادر عدم الاستقرار بالنسبة للأسرة السعودية الحاكمة، لذلك يؤكد القادة السعوديون على أفكار الالتزام الذاتي والمسئولية الأدبية والدينية لحماية الأماكن المقدسة، وذلك للتدليل على تجاوز أية مصادر أخرى للشرعية غير الشريعة الإسلامية (4).

ووفق هذه الاعتبارات، يعد الإسلام المنبع الفكري والفلسفي الذى تستمد منه النخبة السعودية الحاكمة أسس وقواعد عملها، ليس فقط فيما هو داخلي، بل يمتد إلى توجهات المملكة فى علاقاتها الخارجية، إلا أن الحرص على إظهار الطابع الإسلامي، للسياسة الخارجية السعودية، وفق “شيرين هنتر”، لا يعنى بالضرورة أنها دينية فقط، أو تخدم أهدافا دينية فقط، فعلاقات المملكة الدولية وسياستها الخارجية تخضع كذلك لاعتبارات سياسية واقتصادية وإستراتيجية كبقية دول العالم، ومن هنا يختلف توظيف الشعارات الإسلامية من فترة زمنية إلى أخرى، ومن ملك لآخر، كما يختلف باختلاف الفاعلين الدوليين الذين تتوجه إليهم هذه السياسات(5).

وهو ما يعني الحرص على مراعاة البعدين الديني والمصلحي في السياسة الخارجية للمملكة، ولكن كنموذج من عدة نماذج تقوم على اتخاذ الإسلام مرجعية ومصدر شرعية، يدعو إلى التسامح والتعاون، وهو ما يتعارض بطبيعة الحال مع النموذج الأمريكي الذي ينطلق من مرجعية صراعية استئصالية.

وإذا كان تيار من الباحثين الغربيين، ومن بينهم هنتر، يري أنه بعد توطيد السيطرة على نجد والحجاز والرياض، كان الهدف الرئيس للملك عبد العزيز هو كسب الاعتراف الدولي بسيادته، وعندما لم يكن هناك تضارب بين مصالح الأسرة السعودية الحاكمة والأحكام الإسلامية والدولة التي أسسها عبد العزيز، كانت الأفكار المتأصلة فى الإسلام الوهابي تؤثر فى السياسات السعودية، إلا أنه حتى فى هذه الحالات، كانت الاعتبارات الدنيوية فى الأعم الأغلب هي المحددات الرئيسية لهذه السياسات. وكلما أمكن للإسلام أن يكون أداة لدفع تحديات الدول العربية أو لتسويغ سياسة خاصة، فقد كان يستخدم لهذه الغاية (6).

إلا أن هذا التحليل ينم عن تجاهل لحقيقة الإسلام كمرجعية دينية، حيث تقوم على أن الواقع والاعتبارات الدنيوية ليست محل اهتمام في التحليل أو المواقف استناداً إلى المرجعية الإسلامية، وأن هذه المرجعية مثالية لا ترتبط بالواقع. وهذا غير منطقي، ولا يتفق وجوهر الإسلام، فهذه المرجعية تهتم بالواقع ولكن وفق قيم وقواعد وأسس، ووفق نموذج حضاري ومعرفي، يضبطه، فهو نموذج لا يجعل المصالح والسياسة في وادٍ، والإسلام أو الإسلامي في وادٍ آخر، كما لو أنه إما مثالي لا يتحقق، أو استغلالي يوظف الدين لتحقيق مكاسب دنيوية ومصلحية.

وقد انعكست نشأة النظام السعودي وخصائصه، على توجهات الولايات المتحدة الأمريكية، نحو المملكة، فقد ارتبطت جذور السياسة الأمريكية تجاه المملكة بالنشاط التبشيري للولايات المتحدة الأمريكية، وهذا النشاط الذي لم يكن سوى حلقة من حلقات النشاط الغربي لتنصير الشعوب الإسلامية عامة ومنطقة الخليج العربي خاصة. والتى كانت تعرف فى أوساط المبشرين بأنها “الجزيرة العربية المنسية”. ورغم اهتمام المبشرين بالجزيرة العربية والخليج العربي، إلا أن مؤسسات التبشير فشلت، فى الجانب الأكبر من نشاطاتها، فى ترك أي أثر ديني له صفة الدوام فى هذه المنطقة (7).

وقد تأسست الإرسالية الأمريكية للجزيرة العربية رسميا عام 1899م (8). واختار المؤسسون مدينة البصرة، جنوب العراق، كأفضل مكان يمكن أن تنطلق منه الإرسالية لتحقيق أهدافها التبشيرية وذلك بحكم موقعها الإستراتيجي مما سهل لأعضائها مهمة النفاذ إلى عمق شبه الجزيرة العربية لإقناع العرب المسلمين بالمسيحية (9).

وقد حظيت الإرسالية الأمريكية فى البصرة بدعم الحكومة الأمريكية والحماية البريطانية، الأمر الذي شجع المستشرقين على تكثيف جهودهم على جمع معلومات سياسية واجتماعية واقتصادية يمدون بها الحكومة الأمريكية، والتى تعتمد عليها فى صياغتها تجاه المنطقة. وكانت وزارة الخارجية الأمريكية تعتمد على رجال التبشير وتحثهم على موافاتها بتقاريرهم باستمرار، خاصة فى تلك الفترة التي تميزت بعدم وجود نشاط دبلوماسي أمريكي متكامل فى المنطقة، ورحب المبشرون بالقيام بهذا الدور من منطلق أن ذلك لا يتعارض مع مفهوم الوجود التبشيري.

وجاء اكتشاف النفط وبكميات هائلة فى شرقي الجزيرة العربية، وارتفاع معدلات دخول السكان، وانتهاء حالة الفقر والمعاناة التي كانت الإرسالية تركز على استغلالها فى خدمة أهدافها التبشيرية، ليوجه ضربة لاستمرار نشاطها، ومع استمرار الإخفاق قررت الإرسالية رسميا فى سنة 1924م، تصفية نشاطاتها (10).

ومع اكتشاف النفط، وزيادة الأهمية الإستراتيجية للمملكة، أصبحت العلاقات السعودية ـ الأمريكية، وفق إحدى الباحثات السعوديات (11)، تقوم على ثالوث النفط، والموقع الجغرافي، والدين. وأثبت هذا الثالوث أنه الثابت الدائم، وكل شيء غيره قابل للجدل والتفاوض بين الطرفين، فالولايات المتحدة منذ تعرفت عن قرب على المجتمع السعودي وتطوره خلال النصف الأول من القرن العشرين، وهي تحاول تجنيد الفكر السعودي الديني لخدمة مصالحها ومشاريعها ليس فقط فى المنطقة العربية بل فى العالم الإسلامي. وقد وجدت الولايات المتحدة فى الإسلام المستقطب من قبل الحكومة السعودية دعماً لمشاريعها. واستطاعت الآلة الإعلامية الأمريكية أن تضع القيادة السعودية فى حجم أكبر من واقعها ومؤهلاتها وقدراتها الفكرية والثقافية والحضارية. وتحاول أن تجعل منها محورا يقود العالم العربي والإسلامي”.

وتضيف: “استخدمت الولايات المتحدة العامل الديني المتمثل بأطروحات سعودية محلية لمحاربة أعدائها، ووجدت فى الإسلام السعودي أداة تحارب بها تيارات مختلفة فى مناطق متفرقة من العالم العربي والإسلامي. فقضت الشراكة الأمريكية ـ السعودية الدينية على الكثير من طموحات دول المنطقة بعد أن سلط الإسلام السعودي سيف الدين على أعداء الولايات المتحدة، كما وجدت الولايات المتحدة فى الإسلام السعودي ما يمكنها من الطعن فى المشاريع القومية والاشتراكية والعربية”(12).

ومن جانبه، يرى د. علاء طاهر، أن البعد الإسلامي للسياسة السعودية كان يشكل نقطة هامة لجذب النظر من قبل الساسة الأمريكيين الذين كانوا يدركون المعادلات التوازنية التي يمكن لها أن تنبثق على الخريطة الإقليمية فى أية بقعة من العالم، قبل أن تكون هذه التوازنات واقعاً فعلياً. حيث كانت سياسة الملك عبد العزيز بن سعود الإسلامية، إضافة إلى النهوض الإقتصادي الذى بدأت السعودية تحقيقه، مصدراً لإثارة الاهتمام الأمريكي، حول وضع تصور للتوقعات المستقبلية التي تمتد داخل سياسة أبناء الملك عبد العزيز، والتى يمكن أن تهدد الوضع المستقر للولايات المتحدة، داخل منطقة الخليج العربي، وكذلك داخل النطاق الجغرافي الحضاري للعالم الإسلامي، على اعتبار أن السعودية تشكل النواة الإستراتيجية الروحية لهذا العالم، ولذا فعلى الرغم من التحالف الظاهري للولايات المتحدة وحسن علاقات الحكومة الأمريكية مع المملكة كانت هناك سياسة احترازية تتبعها الإدارة الأمريكية، بقياس مستوى التراكم الكمي للسياسة الإسلامية السعودية مستقبلاً، ومدى قدرتها على تشكيل تأثير على مكانة الولايات المتحدة داخل القطاع الإقليمي الشرق أوسطى والقطاع الحضاري الإسلامي. ومن هنا بدأت الولايات المتحدة بوضع أسس لقواعد توتر قابلة للتحريك داخل المملكة نفسها، أو قواعد توتر خارجي مجاورة لها إقليمياً، يمكن للولايات المتحدة استخدامها عند الضرورة (13).

وترسيخاً لهذه التوجهات التي تبنتها الولايات المتحدة نحو المملكة العربية السعودية، ببعديها الديني والإستراتيجي، جاء توثيق العلاقات بين الدولتين خلال النصف الأول من القرن العشرين، وحتى بداية الحرب الباردة، وكانت بداية هذه العلاقات غير رسمية، ففى 29 مايو عام 1933 حصلت شركة نفط “ستاندر كاليفورنيا” الأمريكية، على امتياز لمدة ستين عاماً يشمل مساحة شاسعة من الأرض فى القسم الشرقي من المملكة. وأسست للقيام بهذه المهمة شركة “ستاندر العربية الكاليفورنية”، وانضمت إليها شركة تكساس، عام 1934، فتغير اسم الشركة وأصبح “شركة النفط العربية الأمريكية (أرامكو)”(14).

وخلال الحرب العالمية الثانية زادت وتيرة التعاون بين الدولتين، أمام إدراك الولايات المتحدة لأهمية المملكة، بعد عقود من التجاهل السياسي الأمريكي، فلم يكن لها تمثيل دبلوماسي ولا دوائر قنصلية فى البلاد وقد ظلت شركات النفط الأمريكية سبعة أعوام تقوم بعمليات واسعة النطاق فى القسم الشرقي من الجزيرة العربية دون أن تتمتع بحماية حكومتها الرسمية. إلا أن الحرب العالمية الثانية قد غيرت هذه المعادلة، فقد تقلصت أعمال شركة النفط العربية ـ الأمريكية تقلصاً خطيراً بسبب احتياجات الحرب ووجود مواقع أكثر أهمية بالنسبة للأعمال والواجبات الأخرى.

وفى عام 1943، توصل رؤساء أركان الجيش الأمريكي إلى قرار بالحصول على قاعدة جديدة فى الشرق الأوسط تصل بين القاهرة وكراتشي، لتسهيل الحرب ضد اليابان، بجانب قاعدة عبادان على الساحل الشرقي للخليج العربي، ووقع الاختيار على الظهران فى المملكة، حيث توجد آبار أرامكو ومنشآتها. ووصلت الرياض بعثة عسكرية أمريكية للبقاء عدة أشهر من أجل تدريب الجيش السعودي (15).

وخلال هذه التطورات، كان من بين التوجهات الإستراتيجية الأمريكية، ضمان عدم تدخل أية قوة أخرى، صديقة كانت أم معادية، فى مصادر النفط السعودي. وفى أغسطس 1945 بدأ سلاح المهندسين بالجيش الأمريكي العمل على إنشاء قاعدة جوية فى الظهران، مجاورة لمقر أرامكو الرئيسي. وفى عام 1945، ومع نهاية الحرب العالمية الثانية، بلغت العلاقات الأمريكية السعودية مرحلة عالية من التقارب، عكستها مقابلة الملك عبد العزيز والرئيس الأمريكي روزفلت فى 14 فبراير 1945(16).

ثم دخول المملكة فى إطار سياسة الحلفاء، حيث أعلنت فى الأول من مارس 1945، الحرب على ألمانيا، وفى 18 يونيو 1951، تم التوقيع فى مدينة جده على اتفاقية دفاعية، بموجبها استأجرت الولايات المتحدة قاعدة الظهران الجوية (لمدة 9 سنوات تمتد بين عام 1952 إلى 1963 (17)، وبمقتضاها كذلك تقوم المملكة بشراء المعدات العسكرية من الولايات المتحدة، وأن يقوم مستشارون أمريكيون بتدريب الجيش السعودي (18).

ويمكن القول أنه خلال هذه الفترة، قامت السياسة الأمريكية تجاه المملكة العربية السعودية، على مجموعة من الثوابت، فى مقدمتها، مراعاة البعد الديني فى نشأة وتأسيس المملكة، ودوره فى تشكيل سياستها الخارجية، وهو ما انعكس على بدايات التواجد الأمريكي في المملكة، والذى جاء بشكل غير رسمي، سواء من خلال الإرساليات الدينية في بداية القرن التاسع عشر، أو من خلال الشركات النفطية في بداية القرن العشرين، وشكلت هذه الإرساليات وتلك الشركات ذراعاً للسياسة الأمريكية تجاه المملكة، ومن خلالهما قامت بتحليل طبيعة المجتمع السعودي وخصائصه، ووقفت على أفضل الوسائل التي يمكن من خلالها التفاعل معه.

ومن ناحية ثانية، حرصت الولايات المتحدة على عدم التدخل فى الشؤون الداخلية للمملكة، أو إثارة التوترات داخلها، خلال هذه المرحلة، التي تعاملت معها على أنها مرحلة التغلغل وتأسيس الوجود، ولكنها فى الوقت نفسه استغلت الأزمة المالية التي تعرضت لها المملكة فى الثلاثينيات والأربعينيات لتوجيه سياسة المملكة الخارجية، بما يتفق وتوجهاتها، وفى هذا السياق كان حرصها على تقليص، ثم إنهاء، الوجود البريطاني في المنطقة، والحيلولة دون دخوله المملكة، أو الاستفادة من ثرواتها النفطية.

فالسياسة الأمريكية خلال هذه المرحلة، قامت على ترسيخ فكرة الانفراد بالمملكة وتوجيه سياستها بما يتفق والتوجهات الإستراتيجية الأمريكية، وإعداد المملكة لتكون أداة من أدوات تنفيذ هذه الإستراتيجية، وهو ما برز بوضوح خلال مرحلة الحرب الباردة.

———————————-

الهامش

(1) William Ochsenwald, “Saudi Arabia and the Islamic Revival”, International Journal of Middle East Studies, Vol. 13, No. 3, August 1981, p. 273.

(2) Michael C. Hudson, Arab Politics: The Search for Legitimacy, (New Haven: Yale Uni. Press, 1979) p. 171.

(3) James Piscatory, “Ideological Politics in Saudi Arabia”, in: James Piscatory(Ed.) Islam in the Political Process, (Cambridge: Cambridge Uni. Press, 1983). P. 59 – 61.

(4) حسن أبو طالب، السياسة الخارجية السعودية. مصدر سابق، ص ص102 ـ 107

(5) شيرين هنتر، مستقبل الإسلام والغرب: صدام حضارات أم تعايش سلمى؟، ترجمة زينب شوربا، (بيروت: مركز الدراسات الإستراتيجية، 2002)، ص ص 198 ـ 199.

(6) تقول هنتر: فى معارضته للتحرك من أجل جامعة عربية قوية عام 1945، استخدم الملك عبد العزيز حجة إسلامية: “إن محاولة توحيد النظم التعليمية والقانونية فى البلدان العربية لجديرة بالثناء، ولكن المملكة العربية السعودية، التي تضم أراضيها الأماكن المقدسة، تتطلب وضعاً خاصاً ولا تستطيع أن تقر أي برنامج تعليمي أو قانونى لا يتوافق مع معتقدات وتقاليد الإسلام.”.

(7) عزّة عبد الرحيم محمد شاهين، العلاقات الخارجية للمملكة العربية السعودية فى عهد الملك عبد العزيز آل سعود ما بين عامي 1924-1945م، رسالة دكتوراه غير منشورة فى الآداب، (القاهرة، جامعة عين شمس، كلية البنات للآداب والعلوم والتربية، قسم التاريخ، 2005). ص ص 25 ـ 29.

(8) عبد المالك خلف التميمي، التبشير فى منطقة الخليج العربي: دراسة فى التاريخ الإجتماعي والسياسي، الكويت، منشورات كاخلة للنشر والتوزيع، 1982م، ص45.

(9) عبد الله ناصر السبيعي، نشاط الإرسالية الأمريكية للتبشير فى شرق الجزيرة العربية، مجلة الدارة، الرياض، العدد الأولى، السنة الثانية، شوال 1402هـ/يوليو 1982م، ص133.

(10) سميرة أحمد عمر سنبل، العلاقات السعودية الأمريكية. مرجع سابق، ص37

(11) د. مضاوى الرشيد، السعودية والولايات المتحدة ـ ثالوث النفط والموقع والدين، صحيفة القدس العربي، لندن، عدد 10/10/2006.

(12) د. مضاوى الرشيد، المصدر السابق.

(13) د. علاء طاهر، العالم الإسلامي فى الإستراتيجيات العالمية المعاصرة، (باريس: مركز الدراسات العربي الأوربي، 1998)، ص ص564 ـ 567.

(14)  Rachel Bronson, Thicker Than Oil: America’s UneasyPartnership With Saudi Arabia, (Oxford University Press, April  2006), pp. 11-14

(15)  Fahad Al-Nafghan, The Origins of Saudi – American Relation : From Recognizing to Diplomatic Representation 1931 – 1943 (PhD. University Kansas, 1989, P. 45.

(16) بنسون لى جريسون، العلاقات السعودية ـ الأمريكية، (القاهرة، دار سينا للنشر، 1991م)، ص 10.

(17) تشالمرز جونسون، أحزان الإمبراطورية: أمريكا العظمى ـ القناع والحقيقة، ترجمة: د. فاطمة نصر، (القاهرة، إصدارات سطور، 2006)، ص ص 335 ـ 338.

(18) د. علاء طاهر، مرجع سابق، ص ص 555 ـ 558.

 

لقراءة النص بصيغة PDF إضغط هنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
Close